كيف نحمى مدمن المخدرات من حدوث الانتكاسة؟


تعاطى المخدرات قد يكون أكثر من مجرد تجربة، بل عرضاً لمشكلة مزاجية داخلية، إن الإنسان الخجول أو الذى يرى نفسه غير جميل قد يجد نفسه أكثر ثقة فى نفسه تحت تأثير المخدرات وأكثر قبولا عند زملائه، فضغوط أصدقاء السوء قد تدفع البعض إلى التعاطى حتى يكون مقبولا منهم أو حتى يصبح رجلا مثلهم أما عن الأوقات المناسبة للحديث مع الأبناء عن المخدرات، فهى كما يوضح دكتور هاشم بحرى أستاذ الطب النفسى أوقات الاسترخاء والراحة، وقد يكون من المناسب الحديث عندما يكون هناك مشكلة منشورة فى الصحف أو فى التليفزيون عن مأساة شخص معين وتوضيح الخبرات الحياتية التى تتحدث عن خطورة المخدرات.

ويشير بحرى إلى أنه يستطيع كل من يتعاطى المخدرات أو إدمانها أن يتوقف عن التعاطى وآثاره الجسدية، ولكن الشفاء الجسدى والنفسى يحتاج إلى برنامج علاجى كامل. وتعتبر الفترة التى تلى العلاج الدوائى وانتهاء أعراض الانسحاب من الإدمان أهم فترة يجب التخطيط لها حتى يصل الناقهون من الإدمان إلى المعافاة الكاملة حماية لهم من شبح الانتكاس والعودة للإدمان.

ويؤكد بحرى أن الإدمان ليس فقط مرضاً ولكنه نمط حياة وأولئك الذين قرروا الإقلاع عن الإدمان والعودة إلى الصحة النفسية فإنهم كالمهاجرين من مجتمع إلى مجتمع آخر، فالتوقف ليس فقط الامتناع عن تعاطى عقار أو مخدر، ولكنه تأقلم جديد لحياة جديدة فى مجتمع الأمل والاطمئنان بعيداً عن مجتمعهم الماضى.

ولكى نستطيع مساعدة الابن الذى هجر المخدرات وأصبح نظيفاً منها علينا أن نعرف ما يعانيه وما يقاسيه وما يدور فى ذهنه بعد التوقف عن تعاطيه المخدرات كما يجب أن يكون مفهوماً أنه ما إن يتوقف الشخص عن تعاطى المخدرات فإنه يحتاج لتعلم أشياء جديدة يملأ بها وقته وأكثر هذه الأشياء هى تلك التى يمكن أن تسعده وترفه عنه، حيث إن كثيراً ممن أقلعوا عن استعمال المخدرات لم تكن هذه المخدرات تعنى بالنسبة لهم سوى المتعة والبهجة.
أما عن المشاكل التى تواجه الناقهين من المخدرات فهى:
1 – الرغبة فى العودة لها، وذلك الشعور يستمر معه لمدة عدة أشهر بعد العلاج. الإحساس والرغبة فى العودة للمخدرات هو نتيجة لتعوده لمدة طويلة عليها وتعوده على مجموعة من أصدقاء ومجموعة من الأماكن يذهب إليها. 

وتدعيم إرادته وقدراته وشخصيته تدفعه لأن يؤثر فى هذه المجموعات لا أن يتأثر بها مرة أخرى كما أنه يحتاج إلى مجموعة من العلاقات الاجتماعية السوية التى تساعده فى النضوج و النمو وتقوى من عزيمته. والمدمن المتعافى كثيرا ما يخشى هذه العلاقات الجديدة لخوفه من معرفة الناس أنه كان مدمناً/مما يسبب له القلق والتوتر.. وتدفعه بعيداً عن تكوين علاقات جديدة مع أفراد أصحاء.

2 – مشاكل التأقلم مع الحياة واكتساب طرق جديدة للإشباع بعيداً عن المخدرات وهذه تحتاج منه إلى تعلم أنماط جديدة من السلوك، وتحمل ظروف الحياة والتأقلم مع المشاكل ومواجهتها والفشل سوف يدفعه للشك سريعاً فى قدراته على الاستمرار نظيفاً من المخدرات، خاصة أنه يفقد الكثير من المزاج والمرح الذى كان يحصل عليه مع هذه المخدرات، مما يجعل رؤيته لما يدور حوله رؤية غير ممتعه فى أول الأمر ويحتاج لبعض الوقت للتأقلم مع هذه الأحداث. 

3 – وفى خلال هذه الفترات الأولى من التأقلم فإن حدوث الألم أو مشاكل أو أزمات مع عدم اكتمال تعلمه كيفية الاسترخاء النفسى ووضع خطة عملية للتعامل معها.. وطرق التخلص منها والسلوك السليم فى مواجهتها فإن هذه الصعاب قد تدفعه إلى الإحباط واليأس والعودة للإدمان مرة أخرى.

4 – هناك أيضا الحاجة لعلاقات جديدة لتشجيعه على الثقة بنفسه وقدراته أكثر من اعتماده على الآخرين، وهذا يحتاج للوقت ويأتى ببطء بالإضافة إلى الصبر والإصرار. 

5 – كما أن علاقات المدمن المتعافى مع أصدقائه والمحيطين السابقين به تتعرض لمشاكل كثيرة، نتيجة لتركه رفقاء السوء ونظرته الجديدة لهم مما يدفع بهم إلى الهجوم عليه فى مسيرته الجديدة، بهدف تحطيمهم لثقته فى نفسه وفى قدرته على الاستمرار بعيداً عن المخدرات، مما قد يؤثر فى مسيرته حيث تكون شخصيته هشة فى هذه الفترة، بالإضافة إلى ضغوط الأهل (أب وأم وزوجة وأبناء)، فتتجمع هذه الضغوط لتؤثر فى مسيرته إلى الصحة النفسية والنضوج.

6 –توفر المخدرات إما من الأصدقاء القدامى أو تقدم كهدايا للضغط عليه، لحمايته فإن تعلمه أن يقول "لا" للمخدرات هو عامل أساسى فى التحسن ذلك أن تعاطيه لجرعة جديدة من المخدرات بعد علاجه أيا كانت جرعتها وظروف تلك الجرعة والضغوط حولها قد تؤدى إلى انتكاسة تعيده بعنف للمخدرات.


اليوم السابع